jeudi 24 février 2011

ميدان التحرير ساحة سلام


لم يعد ميدان التحرير بالعاصمة مصر يعبر عن يوم الغضب أو ثورة شباب الفايس بوك فقط بل أصبح رمزا للسلام والتلاحم بين مختلف أطياف المجتمع المصري, إن احتجاجات شباب 25 سبتمبر كانت من اجل مطالب اجتماعية وديمقراطية وتغيير النظام بما يتلاءم ومستجدات العصر وثقافة هؤلاء الشباب ووعيهم السياسي وتطلعاتهم المستقبلية وفي نفس الوقت وبشكل عفوي استطاعوا توجيه رسالة إلى العالم وخاصة الغربي منه واثبتوا أن الصورة الحقيقة هي مغايرة لما يصل عبر الإعلام أو القنوات الدبلوماسية وان المجتمع المصري هو مجتمع مسالم. وأقوى الصور التي تابعها العالم عبر الفضائيات و المواقع الاجتماعية هي التي حصلت يوم الجمعة 4 فبراير وأثناء صلاة المسلمين رأينا كيف اصطف الشباب المسيحي ليشكل سدا بشريا من اجل حماية المصلين المسلمين من هجمات ”البلطجية” التي تستهدف المحتجين كما يطلق عليهم في مصر. وبالمقابل يوم الأحد 6 فبراير أقام المتظاهرون المسيحيون بدورهم صلاة الجنازةعلى أرواح الشهداء الذين سقطوا في المظاهرات، وشاركت الطوائف القبطية الثلاثة في 3صلوات مجتمعة، وأدى الصلاة المئات من الشباب، بجانب قيادات قبطية بارزة، مثل مايكلمنير، رئيس منظمة أقباط الولايات المتحدة، والدكتور عماد جاد، الخبير بمركز الأهرامللدراسات الإستراتيجية، والكثير من الشخصيات المسيحية المعروفة, وقد وقف نحو 100 ألف مصري يتابعون صلوات الأقباط من على منبر في ميدان التحرير، وردد الأقباط إلى جانب مسلمين هتافات تؤكد وحدة المصريين و ردد بعض المسلمين الصلوات المسيحية مع الأقباط وقد حضر عدد كبير من المحجبات والملتحيين الذين تابعوا صلوات الأقباط. لقد شهدت أيام الغضب والاحتجاج التي عرفتها اغلب مدن ومحافظات مصر اختفاء للتعصب والطائفية بين المصريين, ورأينا كمتتبعين وخاصة في الوقت الذي اختفت فيه الشرطة المصرية من جميع الأماكن الحيوية في البلاد, وحتى من الكنائس التي فرضت عليها حراسة مشددة مند أسابيع بعد الهجوم الانتحاري الذي استهدف كنيسة القديسين في الإسكندرية مطلع السنة وأدى إلى مقتل 23 شخصاً, وبكل عفوية وعبر مختلف وسائل الإعلام سمعنا ورأينا كيف تطوع شباب مسلم وغيره لحماية دور العبادة حتى قبل تكوين اللجان الشعبية و هي عبارة عن مجموعات من الشباب نظموا أنفسهم للدفاع عن أحيائهم وممتلكاتهم من هجمات الفارين من السجون واللصوص . لم تكن هده اللجان الشعبية تحمي المصريين على حسب طوائفهم بل كان الجميع يحمي بعضه البعض فترى مساجد ومستشفيات فتحت أبوابها لتلقي المصابين، و قساوسة يأمرون حراس الكنيسة بحماية المواطنين ومجابهة اللصوص، في حين اختلطت دماء المصريين، سواء كانوا مسلمين أو أقباطاً بعدما لبى مئات الشباب لدعوات أطلقها ناشطون للتبرع بالدم, وعجت المستشفيات في أرجاء متفرقة من البلاد بالمتبرعين، كما تطوع طلاب كليات الطب والتمريض لتقديم المساعدة بالمستشفيات التي عرفت نقصا في الخدمات مع ارتفاع أعداد المصابين خاصة بعد المواجهات العنيفة التي دارت بين الشرطة والمحتجين . إن التحرك الغير مسبوق لشباب العالم العربي استطاع أن يبث روحا جديدة في النفوس بداية من ثورة الياسمين التونسية إلى ثورة الغضب المصرية إلى كل الاحتجاجات التي ينوي الشباب القيام بها في مختلف أرجاء الوطن العربي من أجل المطالبة بالمساواة والديمقراطية وإنهاء حالة الفساد الذي استشرى في جسد مجتمعاتنا وحال دون تقدمنا, هي كلها مطالب منطقية وحضارية تبين للعالم أن الشباب العربي عامة والمسلم خاصة والدي يكون الشريحة الأكبر في المجتمع العربي و يتهم بالإرهاب والعنف هو شباب واعي ينبذ كل مظاهر الظلم والفساد والطائفية محب للحياة يريد أن يعيش كباقي الشباب في المجتمعات المتقدمة, انه شباب فقد الثقة التامة في مختلف الأحزاب والجماعات سواء الإسلامية منها أو اليسارية. وبالتالي التخوف من أن الدي سيستولي على الحكم أشخاص متطرفين سواء إسلاميين أو غيرهم هو أمر غير وارد , انه جيل جديد مختلف تعلم من أخطاء الماضي ولا اعتقد انه مستعد لتكرارها , لهدا على العالم أن يغير نظرته وطريقة التعامل معه’ إنها فرصة لا تعوض علينا جميعا المحافظة عليها و أخدها بعين الاعتبار كي لا نخسر جيلا بهدا الوعي واعتقد ادا حصل له أي نوع من الإحباط وعد الاكتراث بمطالبه ربما تنقلب الصورة وهدا ما لا نتمناه. خاصة أن من بين أهم مطالب هؤلاء الشباب أنهم ينادون بقوانين تكفل لكل الطوائف الحرية في ممارسات العبادة والعيش بكرامة وسلام , وعلى المجتمع الدولي أن يأخذ بعين الاعتبار صوت الملايين التي تخرج إلى الشوارع لأنه الصوت الحقيقي لشعب يعبر عنه بكل عفوية . هند السباعي الإدريسي