dimanche 1 mai 2011

إرهاب مراكش مدينة السلام وتعايش الأديان


اهتزت مدينة مراكش يم الخميس 28 ابريل قبل منتصف النهار على اثر انفجار إرهابي بمقهى أركانه بساحة جامع الفنا, راح ضحيته 16 عشر قتيلا على الأقل وأكثر من 20 جريحا من جنسيات مختلفة , وعلى حسب المعطيات الأولية للتحقيق فالانفجار لم يتم بواسطة انتحاري بل بالتحكم عن بعد وبطريقة متطورة جدا.
يعتبر هدا الحادث الإرهابي المؤلم الأعنف من نوعه تشهده مدينة مراكش , مدينة الابتهاج وملتقى العالم وتعايش كل الثقافات و الأديان , ويتبين في كل مرة أن الإرهاب لا دين له ولا يختار بين صغير ولا كبير, فمن بين الضحايا أطفال ومسلمين يهود و نصارى من المغرب فرنسا هولندا روسيا وغيرهم.
استنكر المجتمع الدولي هدا العمل الشنيع كما استنكره المراكشيون وكل مكونات المجتمع المغربي بمختلف توجهاتها وقد انتشرت على اليوتوب تنديد لأفراد جماعة إسلامية من داخل السجون المغربية تستنكر هدا العمل الإرهابي لأنه لا يمثل لا المغرب ارض السلام ولا مراكش ولا ساحة جامع الفنا, ملتقى كل سياح العالم و المكان التاريخي بكل امتياز يرجع تاريخه إلى تأسيس مدينة مراكش , تعتبر الساحة القلب النابض للمدينة كانت ومازلت إلى يومنا هدا يحج إليها السكان والزوار المحليين والسياح ويستعملونها مكانا للقاءات والترفيه و للاستمتاع بمشاهدة عروض مشوقة لمروضي الأفاعي ورواة الأحاجي وواشمات الحناء إلى غير ذلك من مظاهر الفرجة الشعبية التي تختزل تراثا غنيا وفريدا كان من وراء إدراج هذه الساحة في القائمة التراث اللامادي الإنساني التي أعلنتها منظمة اليونسكو ساحة جامع الفنا تراثا شفهيا إنسانيا منذ العام 2002 عندما ترأس المدير العام السيد كوتشيرو ماتسورا الاحتفال الرسمي للإعلان في 18 مارس/ آذار معلنا بذات المناسبة : أن اختيارها تم اعتبارا لحضورها الثقافي والحضاري عبر امتداد عميق في التاريخ جسد قيم التسامح والتعايش بين الثقافات والأديان، ولجهود كياناتها في استمرار إشعاعها بحلقات الرواية والحكاية ومختلف الفنون.
فمراكش أكثر من مجرد مدينة فهي رمز للتعايش والسلام مند فجر التاريخ , فكما تضم أهم المساجد التاريخية للمسلمين, يوجد بها 3 معابد يهودية تاريخية لا تزال وظيفية, معبد «بنحاس كوهين» في المدينة العتيقة, كنيس «صلاة العزامة»، التي بناها إسحاق ديلويا في الحي اليهودي العتيق عندما حل بها سنة 1492 و يكتسي أهمية رمزية نظرا لارتباطه باستقبال المغرب اليهود المطرودين من إسبانيا الكاثوليكية , ومعبد «بيت إل»، ومعناه بالعبرية بيت الله، الذي شيده هنري كادوش، في حي كيليز العصري عقب استقلال المغرب في 1956,و يؤرخ بدوره لمرحلة أخرى تتمثل في استقلال المغرب، الذي رفع الحيف الذي كان اليهود المغاربة يعانون منه تحت الاحتلال الفرنسي فخلال الاستعمار الفرنسي للمغرب فقد كان ممنوعا على يهود مراكش الاقتراب من الحي الأوروبي الجديد في كيليز, وكان على اليهودي عندما يكون لديه عمل لدى أحد الأوروبيين القاطنين في كيليز أن يخلع نعليه، ويمشي حافيا حالما يتجاوز أسوار المدينة القديمة ويدخل إلى حي كيليز, لذلك ما أن حصل المغرب على استقلاله حتى بادر هنري كادوش، الذي كان رئيسا للطائفة اليهودية في مراكش، إلى اقتناء الأرض وبناء المعبد احتفاء بالاستقلال الوطني، ورفع الحيف الذي طال اليهود المغاربة خلال الاستعمار الفرنسي.
فمراكش بتاريخها العريق تعتبر تجربة فريدة في مجال التعايش بين كل الأديان السماوية بسلام, وحتى في هدا التفجير الإرهابي كانوا الضحايا أجانب و مغاربة مسلمين ويهود فكما رحل ياسين البوزيدي المغربي المسلم وترك ابنته ذات 6 سنوات و أسرته, رحل المغربي اليهودي مسعود زيكري هو وزوجته اللذان يعيشان في الصين وقد حضرا إلى المغرب لزيارة والد الزوج بمناسبة عيد الفصح اليهودي الذي صادف الأسبوع الماضي, وكان استنكار العائلتان المكلومتان بنفس الألم ونفس الدعاء أن ينتقم الله من كل شخص يريد أن يؤدي المغرب.




وفي صورة إنسانية تجسد التضامن وحب التعايش , و بعد نداء المستشفيات عن حاجتها للدم خاصة من الفئات النادرة بعد وصول المصابين تعمم الخبر في المواقع الاجتماعية كالفايس بوك و التوتير وغيرها من وسائل التواصل وفي ظرف ساعات قليلة فقط أعلنوا عن جمع 220 كيس دم كحصيلة أولية فقط لان كل السكان والمتواجدين بمدينة مراكش هبوا للتبرع بالدم فاختلطت دماء المغاربة مع دماء المصابين من مختلف بقاع المعمورة في صورة إنسانية بديعة ليست جديدة على المغرب والمغاربة .
يوم الجمعة أقيمت صلاة الغائب على أرواح جميع الضحايا بجميع مساجد المملكة المغربية, كما نظمت عدة مسيرات صامتة حملت فيها الشموع والورود البيضاء بساحة جامع الفنا كما تميزت احتفالات عيد العمال العالمي بالمغرب باستنكار هدا الفعل الإرهابي البعيد عن المغرب والإسلام يقول الله عز وجل في القران الكريم: من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا سورة المائدة - آية 32
هند السباعي الإدريسي