jeudi 27 septembre 2012

التعارف والحوار مقابل الاستفزاز والعنف



تعيش الدول العربية فترة انتقالية سياسية واجتماعية حساسة بعد الثورات أو ما سمي "بالربيع العربي" ومازالت اغلب دول المنطقة تحاول ترتيب بيتها الداخلي في ما تعيش سورية مصيرا غير واضح المعالم بالمقابل يدفع الشعب السوري ثمنا غاليا بشكل يومي من أرواح أبناءه..
وفي خضم كل هذه الأحداث يظهر مقطع فيلم "أمريكي" من بضع دقائق على موقع يوتيوب عنوانه "براءة المسلمين" أقل ما يقال عنه أنه "تافه" لا يستحق كل هذه الضجة والدعاية المجانية التي حضي بها غير أنه اعتبر مسيئا جدا  للمسلمين إذ لقي إدانة عالمية واسعة النطاق وبشهادات واحتجاجات جاءت على لسان مسؤولين غربيين و رجال كنيسة, أما الرئيس الأمريكي براك أوباما فقد قال في كلمته في افتتاح الدورة السابعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة : إن هذا الفيلم يمثل إهانة إلي الولايات المتحدة, لأن بلاده تحترم الأديان جميعا وتقوم بحماية جميع المعتقدات الدينية لكن أوضح في نفس السياق  أنه لا توجد عقوبة ضد الإساءة إلى الأديان في الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد تسبب مقطع بضع دقائق من هذا الفيلم في تفجير أزمة بين الشرق والغرب شعوب العالم في غنى عنها خاصة بالمنطقة العربية التي تعرف توترات وتغييرات جذرية حتى أن هناك من اعتبر أن ما حصل مخطط أثارته  من جهات خارجية وداخلية, وقد سبق وأثيرت نفس القضية منذ سنوات عندما نشرت جهات إعلامية أوروبية رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام وحصلت ضجة مشابهة إلا أن هذه المرة الظروف والمناخ العام السياسي للمنطقة العربية والعالم مختلف كليا.
إن هذه التوترات التي تحدث من وقت إلى آخر والتي تعمل على اتساع الفجوة بين العالم الغربي و الإسلامي وخلق الصراعات التي لن تعود بالنفع على أحد في عالم باتت المصالح مشتركة ومتشعبة ومن المستحيل أن يعيش كل طرف بعيد عن الآخر أو في قتال دائم معه, يتعين على الجانبين الجلوس إلى طاولة حوار جدية والتنسيق والبحث لاتخاذ إجراءات حقوقية وقانونية ودبلوماسية لمنع المتطرفين والمتورطين في زعزعة السلم والأمن على الصعيدين الاقليمي والعالمي من خلال تأجيج التعصب الديني والتحريض من العالم الغربي عبر الذين يستفزون ويهينون مشاعر ملايين من المسلمين كل فترة وكذا من العالم الإسلامي الذي ترد فيه بعض الجماعات بالعنف وتخريب المنشئات والمقرات الدبلوماسية للدول الغربية لأن ما يدعيه الطرف الغربي حق في حرية التعبير يراه جزء كبير من المسلمين حربا على الإسلام ومؤامرة وقد تقوت هذه الفكرة عند المسلمين خاصة بالعالم العربي بعد حرب الخليج.

ومن جانب آخر تعتبر احتجاجات المسلمين نابعة عن قيم اجتماعية وثقافية لم يعد جزء كبير من المجتمع الغربي تعني له الكثير منذ عقود وبالتالي يمكننا أن نقرأ من هذه الزاوية أنه صراع ثقافي أكثر منه ديني, فالرموز الدينية هي شيء مقدس جدا عند أغلبية المسلمين والاستهزاء بأي رمز أو شخصية دينية يخلف جرح عميق في نفس أي فرد مسلم والأمر لا يتوقف فقط عند الله عز وجل أو القران الكريم أو الرسول محمد عليه الصلاة لكن يتعداه إلى كل الأنبياء لأن أساس دين الإسلام ومن شروط الدخول إليه الإيمان بكل الكتب السماوية "القران و الإنجيل والثوراة" وكل الأنبياء والرسل بدون استثناء فنجد مثلا أن المسلم لا يرضى بإهانة السيد المسيح لأنه شخصية مبجلة عند المسلمين لدى نجد أن جل الدول العربية و الإسلامية منعت عرض فيلم "تجربة المسيح الأخيرة"للمخرج  مارتن سكورسيزي منذ حوالي عقدين ومن المستحيل أن يعرض  فيلم يهين أحد الرسل أو الأنبياء المرسلين من الديانات السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلامية.

انه ليس من المنطق ربط حرية التعبير بحرية الإساءة إلى الأديان و قذفها و شتمها و التي تشكل خطرا محدقا وواضحا بالأمن والاستقرار والسلم العالمي, جعلت الكثير من الجهات تطالب اليوم بقانون يجرم الإساءة للأديان, في حين لدينا قوانين وقرارات من الواجب العمل على تفعيلها كالقانون الأممي رقم 224/65  الذي يجرم تشويه صورة الأديان حفاظاً على السلم والتسامح بين معتنقي الأديان والتعايش في ما بينهم في أمن وكذا القرار الصادر في جنيف في مارس 2011 من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة  رقم 16/18والذي ينص على "مكافحة التعصب والقولبة النمطية السلبية والوصم والتمييز والتحريض على العنف وممارسته ضد الناس بسبب دينهم ومعتقدهم".

 

إن أسلوب الاستفزاز الذي تقابله ردود فعل عنيفة ومتشنجة لن ينفع أحد وحتى نتائجه تكون آنية وبدون فائدة فقط  ضحايا أرواح بريئة ومزيد من الكراهية  والنفور بين البشر,العالم بحاجة إلى مزيد من مد جسور الحوار والتقارب والتعارف يقول الله عز وجل “وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا” (13:49) إن التعارف والتواصل واستغلال كل الوسائل التكنولوجية المتاحة اليوم  بشكل ايجابي بسيط ومؤثر سيجنبنا لا محالة السقوط  كل مرة في نفس الصراعات والتي تكون معظمها بسبب مغالطات تجرنا إليها قلة من المتطرفين من العالمين الغربي و الإسلامي, على كل العقلاء و دعاة السلم وحب التعايش بالعالم وأصحاب القرار والمجتمع المدني من مختلف الديانات العمل على توحيد الرؤى ومعالجة كل ما يعيشه العالم اليوم من صراعات بأسلوب علمي قائم على التبصر والحكمة وضرورة تكريس  كل الجهود الدولية لتسود قيم السلام والأمن والعدل وتعزيز مبادئ التسامح الديني وتكريس التعايش بين الثقافات.

هند السباعي الادريسي

 


Prophet Muhammad - Legacy Of Peace

An academic study of Prophet Muhammad's Leadership. ... (peace be upon him); however the author provides a summary of his biography ... as well; showing that Muhammad's legend still lives today and until the end of time



 


Juifs Marocains fetent le Kipour. RABAT