mercredi 8 mai 2013

بعيداً عن الأضواء، حزب مغربي إسلامي يشجّع حوار الديانات



بقلـم هند السباعي الإدريسي
15 مارس/آذار 2013


الرباط - شهد المغرب، مثله مثل دول أخرى من الشرق الأوسط، حراكاً شعبياً لم يصل إلى حد الثورة، لكنه طالب بالإصلاح الحكومي

،
 مما أدى إلى تغييرات عديدة منها الاستفتاء على دستور جديد يحدّ من صلاحيات العاهل المغربي وانتخابات أدت في نهاية الأمر إلى فوز حزب العدالة والتنمية الإسلامي.

بينما تخوّف العديد من الناس من أن حزباً سياسياً إسلامياً لن يحترم معتقدات المواطنين غير المسلمين، يبيّن المغرب التزامه بتشجيع العيش المشترك بين الشعب المغربي من كافة الخلفيات الدينية تحت راية حزب العدالة والتنمية.

يُعدّ المغرب من بين أكثر دول المنطقة استقراراً وتعايشاً بين مختلف الديانات والثقافات المكونة للنسيج الاجتماعي المغربي. فقد عاشت مدينة فاس العريقة والمصنفة من طرف منظمة اليونسكو ضمن التراث العالمي الإنساني، حدثاً مهماً في 13 شباط/فبراير، وهو افتتاح الكنيس اليهودي " صلاة الفاسيين " بعد ترميمه.

وقد ترأس الحفل رئيس الوزراء وقائد حزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران، والذي أشار "أن الحدث يكرس هوية المغرب كأرض للسلام والتسامح والتعايش السلمي بين مختلف معتنقي الديانات السماوية ودرساً للقرن 21 يوجهه المغرب لبقية العالم".

كنيس "صلاة الفاسيين" يصنف من بين أقدم المعابد اليهودية بفاس، اذ يعود تاريخ بنائه إلى القرن 17 والمتواجد بالمدينة العتيقة بحي الملاح، ويُعتبر من المعالم التاريخية للثقافة اليهودية المغربية. وكان الكنيس قد لعب دوراً هاماً في الحياة الدينية والروحية للطائفة اليهودية التي كان يقدر عددها بـ 30 ألف نسمة، وهم الآن ما بين ثلاث آلاف وسبع آلاف نسمة.

وفيما غادر أكثرية اليهود المغرب عندما تأسست دولة إسرائيل، فقد وجه العاهل المغربي رسالة في حفل افتتاح الكنيس لمن تبقى من الحاخامات وممثلي الطائفة اليهودية المغربية، دعى فيها إلى ترميم كافة المعابد اليهودية في مختلف المدن المغربية، لتصبح. ليس فقط مكانا للعبادة. وإنما أيضا فضاء للحوار الثقافي.

وفي هذا الإطار، يشهد المغرب نشاطات أخرى يشجعها الملك وحزب العدالة والتنمية، وأحدث الأمثلة على هذا كان حدث تحت عنوان "تعايش وحوار الأديان بالمغرب" تم فيه اجتماع ثلاثة رجال دين يمثلون الديانات السماوية الثلاث، وهم ـرئيس الكنيسة الكاثوليكية بالمغرب، ورئيس الطائفة اليهودية بالمغرب، ورئيس المجلس العلمي المحلي لأنفا، وهي قضاء من الدار البيضاء، وذلك في 31 كانون الثاني/يناير بفضاء "صقالة" التاريخي بمدينة الدار البيضاء.

اجتمع هؤلاء القادة على طاولة واحدة وتحدثوا عن واقع تعايش الأديان وأجابوا عن الأسئلة حول هذا الموضوع. وقد شاركهم في هذا الحوار مجموعة شباب مغربي من مختلف المعتقدات الدينية، وقد طرحوا العديد من الأسئلة حول الديانات الإبراهيمية الثلاث، والتي تمت الإجابة عليها في جو حضاري بدون تعصب ولا مشاحنات.

سأل العديد من الناس عن حرية الدين في المغرب. فبينما يعتبر مخالفاً للقانون أن يرتدّ المسلمون عن الإسلام، إلى أن القادة الثلاث أكدوا على أهمية تقبل كافة الأديان والسماح لأتباعها ممارسة تقاليدهم الخاصة بهم. وشرح القائد المسلم أن "لا إكراه في الدين" (القرآن الكريم 256:2) وأنه يتوجب ممارسة هذا في الحياة اليومية عن طريق تقبّل التنوّع واعتناقه.

يعتبر الشباب أهم عنصر بالمجتمع، ويشكل تعويدهم على الحوار والتعايش وتقبّل الآخر بكل اختلافاته الدينية والأيديولوجية والثقافية خطوة هامة لأي مجتمع يسعى إلى التغيير الإيجابي.

من خلال نشاطات كهذه، يقوم المغرب بتهيئة جيل جديد يتمتع بمقدرة أكثر على العيش المشترك مع الآخر.

###

* هند السباعي الإدريسي صحفية مغربية ومدوّنة (hindapress.wordpress.com). كُتب هذا المقال لـ خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية، 15 آذار/مارس 2013
تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.